بودكاست أشياء صغيرة

post-header

الجدول الزمني للحلقة

00:07 الاستهلال

01:25 المُقدمة التعريفية بالبودكاست

02:13 تمهيد للتحيزات التي ستتناولها الحلقة

04:13 إنحياز الثقة المفرطة مثال تشرنوبل

07:04 الانحياز التأكيدي والانحياز تأييد القرار

10:23 طرق تفادي هذه التحيزات

12:24 الخاتمة

يمكنك الاستماع إلى البودكاست عبر المنصات التالية

الاستهلال

منذ مدة لا بأس بها طغت الفلاتر على تطبيقات التواصل الاجتماعي وكل حد صار يستخدمها بكثرة فهذا فلتر يغطي حبوب الوجه وذاك فلتر يصغر الجبهة ويوّرد الوجنتين.. والنتيجة.. وجوه لا تعكس حقيقة الواقع.. ولكنها بطريقة أو أخرى تخلي الأشخاص أكثر رضا وتقبل لنشر صورهم بنفس المبدأ تقريبا ومنذ فجر التاريخ يقوم الإنسان بوضع فلتر خاص على خيارات يومه وقرارات حياته عشان يخليها أجمل وأفضل وربما أنظف والأهم، منطقية أكثر..فإيش هي أهم هذه الفلاتر؟ خلونا نتعرف عليهم مع بعض في هذه الحلقة من بودكاست أشياء صغيرة!

المُقدمة التعريفية بالبودكاست

مرحبًا بكم في بودكاست “أشياء صغيرة” المُقدّم لكم من شركة بيئة بسلطنة عُمان أنا “رياض عاشور” وهذي الحلقة العاشرة من بودكاست معرفي يأخذنا بجولة خفيفة وممتعة لفهم العالم العجيب للعادات والسلوك نبسّط فيها الطرق والاكتشافاتاللي تساعدنا في بناء العادات المفيدة وترك العادات السيئة في بودكاست أشياء صغيرة رح نقترب من سلوكياتنا اليومية ونعرف ليش نمارسها وكيف ممكن نغيرها أو نغيّر من سلوكيات اللي حولنا كل هذا بالاستناد إلى مواد وبحوث علمية سواءً كنت تبحث عن تغيير عاداتك انت كشخص أو تسعى للتأثير في من حولك وتغيير سلوكياتهم للأفضل فهذا البودكاست راح يكون إضافة مناسبة لك.

تمهيد للتحيزات التي ستتناولها الحلقة

من بداية اليوم لنهايته يواجه البشر عدد هائل من الخيارات لاتخاذ سلسلة لا نهائية من القرارات اللي نظن بأنها رصينة ومنطقية ولكن.. إذا تقمصنا دور الدرون drone أو الطائرة من غير طيار وحلقنا في السماء لمراقبة تحركات وأفعال وقرارت الناس عن بعد بنشوف إنها على الأغلب غريبة وغير منطقية بمعظم الأوقات وما تتطابق مع ما يُعكس لنا، فممكن نشوف بأن شخص ما يأخذ مسار معين يوميا للشغل وهو حقيقة.. أطول..  وغير كذا مزدحم أكثر! وإذا جيت تسأله عن السبب بيعطيك العديد من الأسباب اللي يشوفها مقنعة! وإذا شفت واحد مشتري ساعة عادية بألف ريال تستعجب وتقوله ايش يميز هالساعة؟ الوقت هو نفس الوقت بكل ساعة!هذا بعد.. بيّسطر لك مية سبب وسبب لكون هذا المنتج الأفضل من نوعه ويستاهل كل ريال! نحن تبرمجنا على تبرير سلوكياتنا المعتادة  ووضعها في قوالب الأسباب المنطقية.. ولكن ما يحدث بالواقع هو أننا نستجيب لطلب دماغنا/عقلنا في البحث عن طرق مختصرة تجنبه مشقة تفكير وتحليل كل قرار وخيار..لأنه طبعا مزحوم بمليون عملية تتطلب انتباهه وجهده! فبصرااااحة يعني ما يخلصه يفكر بهدوء ومنطقية بكل مرة خاصة بالقرارات اليومية المتكررة!هذه الاختصارات اللي يلجأ لها العقل تعرف بمصطلح التحيزات المعرفية” أو بالإنجليزي Cognitive bias واللي شرحناها بالحلقة السابعة بتفصيل أكثر.. ولكنها ببساطة طرق مختصرة تبرمجت عليها عقولنا لتخفيف عبء القرارات اليومية ابقوا معنا في حلقة اليوم عشان نعرف المزيد عن التحيزات المعرفية المرتبطة بإيجاد المنطق لكل  قراراتنا واختصار الوقت لتجنب الاجهاد.

إنحياز الثقة المفرطة + مثال تشرنوبل

قبل أكثر من ثلاثين سنة..حدثت كارثة بيئية لا مثيل لها أثرت على أكثر من ثمانية ملايين شخص  وآثارها مستمرة ليومنا هذا من أسبابها الأساسية.. تحيّز معرفي يعرف بأنه أُم التحيزات كلها! ففي عام 1968 انفجر مفاعل تشرنوبل النووي  بأوكرانيا وخلف ورائه عدد هائل من الوفيات وآلاف المرضى ومئات القصص الحزينة.. نشارككم مقطع لسيدة عايشت الكارثة النووية بطفولتها وتروي بعض تفاصيل هذه الذكرى

هذي المعاناة اللي مسّت البشر والحيوانات وظلّت آثارها لأجيال قادمة كانت نتيجة الانفجار اللي ما كان بالحسبان واللي له أسباب عديدة ومن أبرزها الثقة الزايدة بالنفس لفريق المفاعل النووي تشيرنوبل واللي عكس اعتقادهم الداخلي بقدرتهم الفائقة بالسيطرة على الأمور أو ما يُسمى تحيّز الثقة المفرطة أو Overconfidence Bias يذكر مؤلف كتاب التفكير السريع والبطيء دانيال كانيمان Daniel Kahneman بأن تحيز الثقة المفرطة يعد أساس العديد من الكوارث في مختلف الميادين.. من تايتنك إلى الأزمة المالية في ٢٠٠٨ وغيرهم الكثير! فما أظن نقدر نلومه لما قال بأنه لو عنده عصا سحرية يمكن أن تغير شيئا واحدا عن علم النفس البشري بيكون القضاء على عقدة التفوق البشرية.. أنت بعد تقدر تكتشف هذا النوع من التحيز فيك مثلا في سفرتك القادمة لأننا بالأغلب نملك ثقة مفرطة بقدرتنا على التحكم بجدول سفرنا.. فتبدأ بتخطيط يومك بناء على موعد وصولك.. ولكن قد تتأخر الطيارة.. وقد يكون طابور الوصول طويييل..والأسوأ بلا شك هو تأخر وصول أمتعتك.. فتوصل الفندق أخيرا..تعبان.. ومستاء على عدد ساعات المتعة الضائعة! والحقيقة بأن هذا الوضع طبيعي ويصير في كل مكان بالعالم ولكن ثقتك الزايدة في تحكمك بجدول الرحلة أعطى هذه المشاعر السلبية فرصة الوصول لك!

الانحياز التأكيدي والانحياز تأييد القرار

إضافة لتحيز الثقة المفرطة احنا أيضا نحتاج لأقوال وتصرفات تدعم ثقتنا برأينا! فتخيل باللحظة اللي تستلم فيها مفاتيح سيارتك الجديدة من الوكالة، يقولك الموظف: مبروك شرائك السيارة البيضاء مع إنه معظم الزبائن يحبوا اللون العنابي لأنه واجد يناسب هذي السيارة! هالكلام غالبا ما بيخليك أسعد شخص بالعالم لأن من يريد ينقال بأنه خياره ليس الخيار الأمثل خااااصة بعد ما يكون دفع مبلغ وقدره! الموظف بهذي الحالة ما يملك ذكاء عاطفي كبير والأكيد إنه ما يعرف عن الانحياز التأكيدي والمعروف بالإنجليزي باسم confirmation bias  لأنه لو كان على علم فيه كان بيقولك: اختيارك للون السيارة رائع! دايما عندنا قائمة انتظار لهذا اللون ☺ هذي الجملة رح تؤكد صحة قرارك وترفع مستوى الرضا عندك ومن قدك بصراحة! خذيت اللون الأجمل إذا كيف يتخفى التحيز التأكيدي ويعمل بصمت في غرف مظلمة بدماغك لتشكيل آرائك وتصميم قراراتك؟ يعرّف علماء النفس الانحياز التأكيدي على أنه نوع من أنواع الانحياز المعرفي اللي يخلينا ننتقي المعلومات والحقائق اللي تتناسب مع توقعاتنا ونظرتنا عن العالم لتعزيز قناعاتنا.. وبنفس الوقت نتجاهل أي شيء يعاكس ذلك!

أبسط مثال ممكن يقع فيه الكثير منا هو طريقة بحثنا في قوقل فعلى سبيل المثال لو أحد الأصدقاء قال لك بأن خدمة عملاء الشركة الفلانية سيئة، بتكتب مباشرة بمحرك البحث: هل خدمة العملاء بالشركة الفلانية سيئة؟ وبالتالي تحصل على نتائج تدعم نظرية صاحبك ولكن للحصول على نتائج حقيقية أكثر يُنصح باستخدام كلمات حيادية مثل: تقييم خدمة العملاء بالشركة الفلانية للاطلاع على كافة التجارب.. الإيجابية والسلبية  بكثير أوقات يمشي انحياز آخر يُعرف باسم الانحياز التأكيدي جنبا إلى جنب انحياز الثقة المفرطة اللي يقودنا للإيمان بأننا على صواب..ويساعده الانحياز التأكيدي في البحث عن كل معلومة وعنصر يؤكد بأننا.. على صواب! خطر اندماج هالاثنين ممكن نشوفه بوضوح بمحادثاتنا اليومية فمن حديث عابر بين برشلوني ومدريدي.. إلى حديث جاد ومهم بين اثنين يناقشوا أزمة التغير المناخي! فتحيز الثقة المفرطة يتفعل بهذه المحادثة تحديدا ويخلي الإيجابية تطغى على الحقيقة ونبقى متفائلين بأن الأمور طيبة ومستقبل كوكب الأرض ما فيه إلا كل خير وأكيد العلماء رح يحصلوا حل! وبنفس الوقت محرك بحث دماغنا يدور بسرعة على أي معلومة أو قراءة تؤكد لنا هذا الشيء.. مثل لو مرة لمحت شخص كاتب بالسوشل ميديا إن عالما ما، في بلد ما، حصل حل سحري للتغير المناخي! مخك يذكرك بهالشي ويقولك شفت! الأمور طيبة.. فتتجاهل دورك المهم في هذه المسألة.. وتحط حمل إنقاذ البشرية على شخص آخر اللي يحمل مسؤولية هالموضوع لآخر.. وهكذا!

طرق تفادي هذه التحيزات.

وأنت تستمع للتحيزات الماضية المرتبطة بطرقنا في إيجاد الجانب المشرق من قرارتنا ايش هي الأمثلة اللي جت في بالك؟ هل كانت تتمحور حولك؟ أو حول معارفك وأقاربك؟ عادي جدا.. إذا تذكرت مواقف لأخوانك وأصحابك وأهلك أكثر من مواقفك الشخصية.. لأنك يا صديقي وقعت تحت تأثير آخر تحيز معرفي لحلقة اليوم وهو نقطة التحيز العمياء أو ما يعرف ب Bias Blind Spot واللي يمثل براعتنا في تصيد التحيزات المعرفية عند الآخرين أكثر مما نحصلها بأنفسنا…فمثلا ممكن تظن بأن جارك بدأ يستخدم الأكياس القماشية من لما أنت بديت تستخدمهم، يا واااثق ☺ ولكن… ما تنتبه بأنك أنت بعد بدأت استخدام الأكياس القماشية بعد ما صاحبك المقرب بدأ… بعد تعرفنا على بعض التحيزات التي نستخدمها -بدون وعي غالبا- لإثبات صحة توجهاتنا وقراراتنا..كيف نستطيع تفادي الاستناد عليها وتقليل الاستنتاجات غير المنطقية وزيادة الوعي حول طرق اتخاذ قرارات مبنية على حقائق واقعية؟ نقدر نحضّر قائمة أسئلة جاهزة تناسب الموقف ومن خلالها نقدر نقيم مدى تأثرنا بالانحيازات المعرفية بشارككم بعض الأسئلة اللي قد تقلل من فرص وقوعكم بفخ التحيزات: أولًا: إيش هو الرأي المعاكس؟ ثانيًا: ليش ما أتفق مع الرأي المخالف؟ ثالثًا: هل مصدر المعلومات اللي قرأتها أو سمعتها موثوق؟ رابعًا: هل أحاول مقاومة التغيير الجيد؟ خامسًا: هل أقدر أتواصل مع أشخاص آخرين للحصول على وجهات نظر مختلفة؟ سادسًا وأخيرًا: كيف ينظر الأشخاص الأكبر سنا للموضوع؟ والأصغر سنا كذلك؟

الخاتمة

يحكى بأنه في قديم الزمان وسالف العصر والأوان وفي غابة بعيدة، قابلت قطة ثعلب ذكي وواثق جدااا من نفسه وكانت تقول بداخلها: ايش دهاااء، ايش قيافة، ايش مكانة لهذا الثعلب.. يا ريتني نفسه.. ملمت جرأتها وراحت تكلمه وقالتله: سيد ثعلب أنا هنا لأنهل من علمك وحيلك بعالم الغابة! بعجرفة وغرور رد عليها الثعلب: تعرفي أنا من عشان تجي وتكلميني بهذي الطريقة؟ خبريني خبريني كم خطة وحيلة متعلمة لحماية نفسك عند الخطر؟ بتواضع وخجل قالت القطة: حيلة وحيدة.. سيد ثعلب…ضحك باستهزاء وقال: وايش هي؟ قالت: إذا ركضت الكلاب وراي.. أقدر اتسلق الشجرة وأنقذ نفسي! “بس؟؟؟؟” قال الثعلب.. وأضاف بسرعة: “أنا أقل شي أعرف ١٠٠ حيلة وحيلة تعالي أعلمك.” وما كملوا دقايق إلا ويشوفوا صياد مع ٤ كلاب.. استخدمت القطة حيلتها الوحيدة  ونجت بنفسها ولكن السيد الثعلب أبو الثقة الزايدة وصاحب ال١٠٠ حيلة انمسك بسرعة وصارت ثقته.. هباء منثورا! الثقة مهمة يا أصدقاء، ولكنها لما تزيد عن حدها تعمينا عن أمور كثيرة وتؤثر على خياراتنا وقراراتنا.. لذا انتبه وواظب على محاولة اكتشاف الدوافع الأساسية لكل خيار وقرار عشان تحسن من جودة حياتك وتصل للنتائج اللي تطمح لها.. وأخيرا، شارك الحلقة لشخص دائما واثق بكل شيء يسويه!

ولنا لقاء قريب  بالحلقة القادمة باذن الله.

مصادر

تحيّز الثقة المفرطة

انفجار مفاعل تشرنوبل 1986.. ماذا تعرفون عن أخطر حادث نووي شهده العالم؟

كيف تكتشف أبرز الخدع السياسية التي تُستخدم يوميا “للنصب عليك”؟

ما هو انحياز الثقة المفرطة؟

كيف يهدد “تحيز الثقة الزائدة” قراراتنا الحياتية والاستثمارية؟

Outsmart Your Own Biases

Biases: how they affect your career decisions, and what to do about them

Memory attributions for choices: How beliefs shape our memories

Daniel Kahneman: ‘What would I eliminate if I had a magic wand? Overconfidence’

Why do we favor our existing beliefs?

The Bias Blind Spot

Psych in Real Life: Choice Blindness

Memory attributions for choices: How beliefs shape our memories