الحلقة الثالثة: متى نبدأ في تكوين العادات؟

الجدول الزمني للحلقة

يمكنك الاستماع إلى البودكاست عبر المنصات التالية

الاستهلال

هل تتذكر أمنية عيد ميلادك الأخير اللي قلتها بينك وبين نفسك وأنت تطفي الشمعة؟ تتذكر قائمة أمنياتك ببداية السنة الجديدة؟ انزين هل تتذكر أول شيء اشتريته وكان بخاطرك من زماااااان بأول راتب لك؟ هل صار وفكرت ليش هذي اللحظات المفصلية من حياتنا ترتبط بكثير من الأحيان بنيتنا للبدء بداية جديدة؟ هذا اللي بنكتشفه مع بعض بهذه الحلقة!

المُقدمة التعريفية بالبودكاست

مرحبًا بكم في بودكاست “أشياء صغيرة” المُقدّم لكم من شركة بيئة بسلطنة عُمان أنا “رياض عاشور” وهذي الحلقة الثالثة من بودكاست معرفي ياخذنا بجولة خفيفة وممتعة لفهم العالم العجيب للعادات والسلوك ونبسّط فيها الطرق والاكتشافات اللي تساعدنا في بناء العادات المفيدة وترك العادات السيئة في بودكاست أشياء صغيرة رح نقترب من سلوكياتنا اليومية ونعرف ليش نمارسها وكيف ممكن نغيرها أو نغيّر من سلوكيات اللي حولنا كل هذا بالاستناد إلى مواد وبحوث علمية وسواءً كنت تبحث عن تغيير عاداتك انت كشخص أو تسعى للتأثير في من حولك وتغيير سلوكياتهم للأفضل فهذا البودكاست راح يكون إضافة مناسبة لقائمتك المفضلة.

تأثير البدايات

ببداية كل عام جديد يتكرر مشهد عالمي نسجل بالصالة الرياضية يصاحبه نظام غذائي صارم نتحمس بالأيام الأولى ولكن سرعان ما يخف الحماس ونضرب بريك ونوقف الدايت وتنتهي السنة وعدد زياراتنا للنادي لا يتعدى أصابع اليد!

إذًا ليش الاندفاع نحو تحسين عاداتنا الصحية يجي بالتحديد في بداية السنة؟على ما يبدو احنا بهذا الوقت تحديدا نميل لتكثيف عمليات البحث بقوقل عن الحميات الغذائية وهذا بحسب بعض الدراسات اللي حاولت تفهم سلوكيات الأشخاص الصحية ببداية السنة و استنتجت بأن شهر يناير هو الشهر الأكثر ربحا للصالات الرياضية!

هل تتساءل الآن عن ايش اللي يخلي تاريخ ١ يناير مختلف ومميز عن ٢٢ أبريل مثلا؟ ببساطة، سحر الأول من يناير هو نتيجة تأثير يسميه المختصين بـ “تأثير البدايات الجديدة” أو The Fresh Start Effect ولكن لا يقتصر هذا على بداية العام فقط لكن يتجاوزه ويصير يشمل أي فصل جديد بحياتنا أو أي تاريخ مميز بالنسبة لنا. وعشان نفهم الموضوع أكثر خليني أقول إنه احنا بطبيعتنا البشرية، نحب تقسيم حياة الأشخاص لفصول -مثلما المسلسلات أو الروايات تتقسم لفصول- ففي حديثنا عن صديق عزيز مثلا بنقول تتذكروا كيف كان فوَضوي أيام الثانوية؟ وكيف تغير ١٨٠ درجة بالجامعة وصار دحيح ٢٤ ساعة بالمكتبة, وعاد ما صرنا نعرفه يوم توظف، يقوم من بدري ويتمرن! والحين قريب يتزوج والله يعلم ايش بتكون تغييراته! لاحظتوا كيف قسمنا

حياة صديقنا لفصول زمنية؟ رافقتها تغييرات وعادات جديدة, احنا أيضا نطبق هالطريقة على أنفسنا فنعلق أمانينا وأهدافنا على جدار البداية القادمة فنشوف إن بداية السنة الجديدة أو عيد ميلادنا هو بداية لفصل جديد في حياتنا ولذلك نحاول نبدأ عادات وسلوكيات جديدة ولكن الفرق هنا بأننا نبدأ نقارن بين وضعنا الحالي وبين ما نطمح لتحقيقه -وكأننا شخصيتين مختلفتين أحيانا- فنحط كل نقاط ضعفنا على صوب ونبالغ في تقديرنا لقدراتنا, وبالأخير ننصدم بأننا مما قدرنا نكمل للنهاية, فمثلًا أول ما يكون رمضان على الأبواب نوعد أنفسنا بأننا رح نتوقف عن هدر الطعام رغم معرفتنا بأننا ضعفاء القلوب أمام العزايم, ويوم يجي رمضان, وما يحتاج أكمل ايش صار صح؟

كيف ممكن أوظف تأثير البدايات؟

لنفترض بأنك نويت تبدأ عادة مؤجلة وعطيتك خيارين لموعد البدء, الخيار الأول: رابع خميس بشهر ديسمبر, الخيار الثاني: اليوم الأول من فصل الشتاء, لأي خيار راح تميل أكثر؟ إن كنت من الغالبية العظمى فأنت غالبا ستختار اليوم الأول من فصل الشتاء -شتاء عُمان طبعا ☺- اللي حصل من شوي، هو تطبيق لتجربة قرأتها في كتاب HOW TO CHANGE للدكتورة كيتي ملكمان اللي جمعت بعض طلاب من جامعة بنسلفانيا عندهم النية لتغيير بعض عاداتهم ووعدتهم بالمساعدة لتحقيق ذلك عن طريق إرسال إيميلات تذكيرية وسألتهم عن الوقت الأمثل لإرسال الإيميل ووضعتهم أمام خيارين, الخيار الأول كان ” اليوم الأول من فصل الربيع” أما الخيار الثاني كان: “ثالث خميس من شهر مارس” الخيارين في الحقيقة يمثلوا نفس التاريخ ٢٠ مارس, ولكن -وكما توقعتوا- فعلًا الطلاب تحمسوا أكثر للبدء في اليوم الأول من فصل الربيع لأنهم لامسوا فيه معنى أقرب لهم, يدفعهم للتغيير هذه التجربة كانت جزء من سلسلة تجارب قامت بها كيتي للإجابة عن تساؤل طرحه عليها نائب رئيس جوجل: متى هو الوقت الأفضل لإطلاق البرامج والمبادرات المخصصة لموظفينا واللي تساهم في تحسين نمط حياتهم وعاداتهم؟ وذلك لزيادة تفاعلهم مع هذه المبادرات, للتأكد من نظريتها, قامت كيتي بعدة تجارب أخرى واللي استمرت في إثبات قوة البدايات فمثلا اكتشفت بأنه ما بين شخصين إلى ثلاثة من كل عشرة موظفين بالجامعة أظهروا رغبة أكبر للإدخار للتقاعد إذا تزامن القرار مع يوم عيد ميلادهم أو ببداية الفصل الدراسي, مقارنة مع الموظفين اللي طلب منهم الادخار في تاريخ آخر ما له معنى بالنسبة لهم…

وهذي كانت كيتي وهي تلخص لنا أهمية اللحظات المفصلية في بناء بداية جديدة لعاداتنا وللمهتمين بالاطلاع على كتاب كيتي ملكمان وضعنا لكم رابط له في وصف الحلقة بالإضافة لرابط بودكاستها الرائع في الاقتصاد السلوكي وبصراحة تستاهل على ذكائها الاستثنائي نزيد مبيعات الكتاب, وجب التنويه هُنا يا أصدقاء بأن البدايات تأتي بأحجام وأشكال مختلفة فهي لا ترتبط بالتواريخ فقط بل تشمل اللحظات المحورية في حياتنا مثل التخرج من الجامعة الانتقال من مدينة لأخرى، ترقية عمل أو لما تُرزق بأول مولود لك، وبأحيان كثيرة احنا نصنع بداياتنا، من خلال إعادة ترتيب المنزل شراء ملابس جديدة اكتشاف مقهى لذيذ وجميعها دعوات مفتوحة لانطلاقة جديدة إن سمحنا لها بذلك.

تأثير البدايات على المؤسسات والقرارات الشرائية

لتأثير البدايات الجديدة قوة عظيمة تمتد للمؤسسات التجارية بعد، من جانب أنها قدرت تستخدم التأثير لصالحها أكيد انتبهت بأن الشركات اللي تملك منتجات أو تقدم خدمات مرتبطة بعاداتنا اليومية تبدأ تسوّق أكثر في نهاية السنة وبدايتها! فتطلعلك -بكل مكان- إعلانات عروض بعض البنوك فتحمسك لشراء بيت العمر ببداية السنة! أو يوصلك إيميل من تطبيق الإنتاجية يشاركك أهم باقات شهر يناير لإدارة سنتك القادمة بشكل أفضل! استغلالهم لهذا الوقت يكون -مثل ما أنتوا عارفين الحين طبعا- لمعرفتهم بقدرتنا العجيبة على إقناع أنفسنا بأن هذه هي أيام التغيير! وأنت أيضا، تقدر تطبق التأثير بمكان عملك، فمثلا في حال إنكم كفريق ما حققتم أهداف الربع الأول كما توقعتم تقدروا تبحثوا عن تواريخ مهمة للفريق أو الشركة واختيارها كبداية جديدة تحمسكم للعمل نحو أهداف محققه باذن الله.

الختمة

بعد ما اكتشفت الرابط العجيب بين اللحظات المفصلية والبدايات الجديدة نأمل إنه هالحلقة ساعدتك في النظر للبداية كأداة تساهم في تحقيق أهدافك وتحفز اللي حولك لاتخاذ قرارات تحسن أنماط حياتهم! وتذكر بأنك تملك 12 بداية جديدة سنويا.. و4 بدايات جديدة شهريا، و7 بدايات جديدة أسبوعيا، أخيرا، لما تشارك الحلقة مع شخص يهمه الموضوع أنصحه يسمعها بداية الأسبوع القادم ☺

ونلقاكم في بداية جديدة، وحلقة جديدة بإذن الله.